السلامة على الطريق: حتى لا تكون أنت الضحية، تجنب الحوادث!

3799
1
@Omar Alsawadi

السلامة على الطرق هي موضع اهتمام كبير في عالم متسارع، حيث ترتفع أعداد السيارات ووسائل المواصلات على الطرق بشكل مستمر. وفي حين أن التقدم التقني في السيارات وتقدم هندسة الطرق والمرور هي عوامل تساهم في تحسين السلامة إلا كثافة حركة المرور ودخول سائقين جدد إلى الطرق بخبرة قليلة في التعامل مع السيارات ومستخدمي الطريق الآخرين هي تحديات مستمرة.

صحيح أن شركات السيارات والجهات التنظيمية والحكومية تبذل وسعها في تحسين سلامة الناس على الطرق، إلا أن المسؤولية الحقيقة تقع على مستخدمي الطريق أنفسهم في تطبيق مبادئ السلامة لتفادي الحوادث وآلامها من خلال التزام ممارسات واعية. وحتى لا تكون أنت ضحية في حادث مروري، فإليك هذه المقالة التي تهدف للتوعية وتقديم نصائح يمكن تطبيقاها لتجنب الحوادث.

جدير بالملاحظة، أنه هذه النصائح مع بساطتها وسهولة تطبيقها، إلا أن أكثر السائقين ومستخدمي الطرق قد يهملونها للأسف، لذلك نأمل أن تكون قراءة هذه المقالة مصحوبة بعزم أكيد على تطبيق ممارسات السلامة أثناء التواجد على الطريق.

1) الحوادث المرورية، آلام يمكن تجنبها

سواء كان الحادث كبيراً أو صغيراً، وسواء نتج عنه إصابات أو وفيات لا سمح الله، أو اقتصر على إضاعة الموارد والوقت، فإن الحوادث في واقع الأمر أكثر من مجرد إحصاء نقرأه أو ننقله، كل حادثة على الطريق تمثل أناساً حقيقين وعائلات مرتبطة بالمصابين أو الضحايا. وكل قصة تشمل تفاصيل أكثر بكثير مما يمكن ذكره في الضبط أو التقرير، من الخسائر والآلام والآثار التراكمية على الأفراد والمجتمع ككل. ومن ذلك:

الخسائر الجسدية والعاطفية

  1. الإصابات الجسدية: يمكن أن تتراوح الإصابات من الجروح والكدمات الطفيفة إلى الحالات الشديدة التي تغير مسار حياة المصاب، مثل الشلل أو إصابات الدماغ، والتي يستمر تأثيرها على الفرد وعائلته لسنوات.
  2. التأثير العاطفي والنفسي: في الحالات الأكثر تأثيراً، قد يعاني المصابون وذووهم من اضطرابات ما بعد الصدمة، ومن القلق والاكتئاب ومشاكل أخرى مرتبطة بالصحة العقلية. ومع أن العديد من هذه المشاكل يمكن علاجها بمساعدة المختصين، إلا أن تفاديها في المقام الأول هو الأكثر حكمة.
  3. التأثير على الأسرة والمجتمع: تتحمل أسر المصابين والضحايا الكثير من الأعباء العاطفية والمادية، وغالباً ما تحتاج إلى توفير رعاية ودعم من المحيط الأكبر من الأقارب والأصدقاء ولو لمدة أسابيع لتستمر في حياتها بعد فقد أحد أفرادها أو إصابته.

 

الخسائر والتبعات المالية والاجتماعية

  1. ضياع الوقت والطاقات: قد يكون هذا الأمر بديهاً، ومع ذلك يغفل الكثيرون من الناس عن أن التوقف عند حادث مروري مهما كان بسيطاً ولو لبضع دقائق هو في واقع الأمر تعطيل لعشرات وربما مئات من مستخدمي الطريق الآخرين، ما يشكل بالمجموع مئات من الساعات الضائعة من وقت المجتمع ويأخر الناس عن أعمالها ومصالحها حتى لو لم يكونوا طرفاً مباشراً في الحادث.
  2. الخسائر المادية: يمكن أن تتراكم تكاليف الحوادث المرورية على شكل فواتير طبية، أو فواتير صيانة، أو أن تتسبب في فقدان الوظيفة والدخل لفترة طويلة بسبب التغيب عن العمل والانشغال بإجراءات الحادث، كما أن تكاليف إصلاح المركبات أو خسارتها بالكامل تعد ضغطاً مالياً. ناهيك عن التكاليف التي يتكبدها الاقتصاد العام من صيانة إضافية للطرق أو إسعاف وعلاج للمصابين.
  3. فقدان العمل والإنتاجية: قد يضطر المصابون في الحوادث للغياب عن أعمالهم لفترات طويلة، وربما يعجز بعضهم عن العودة لنفس المستوى السابق من الإنجاز والعمل. كما أن التأثير السلبي قد يصل إلى ذويهم المعنيين برعايتهم في فترة العلاج وبمراجعة الجهات المختصة بعد الحادث. ويتضرر عمل هؤلاء أيضا.
  4. العزلة الاجتماعية: كحالة غير نادرة، يمكن أن تؤدي الصدمة الجسدية والعاطفية إلى الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية وإلى العزلة لفترة قبل أن يعود النشاط الاجتماعي إلى حياة المصابين وذويهم، ويتناسب ذلك مع الضرر الناتج عن الحادثة وخاصة في حال وقوع وفيات لا سمح الله.

 

2) القسم الأهم: نصائح لتجنب الحوادث

بالنظر إلى تلك العواقب الوخيمة للحوادث المرورية، فإن درهم وقاية خير من قنطار علاج كما يقول المثل العربي، ولذلك ننصح بهذه الممارسات الواعية والوقائية لتجنب الحوادث:

النصيحة الرئيسية لكل مستخدمي الطريق:

كن مبادراً في السلامة، اتبع سلوكاً ينبع عن ذاتك ووعيك بالسلامة، ولا تنتظر أن يتم فرض أي سلوك أو نمط عليك من الخارج، على سبيل المثال: ضع حزام الأمان لأنه يحميك، وليس لأن عدم وضعه يترتب عليه مخالفة، قد السيارة بسرعة معقولة لأن قيادتك ستكون أكثر استقراراً، وليس لأن كاميرا السرعة تراقب الطريق، اترك الهاتف لأنه يصرف انتباهك عن محيطك، وليس لمجرد تفادي عقوبة قانونية. هذا السلوك النابع عن الذات يضمن مستويات أعلى من السلامة مقارنة بالسلوك المدفوع بضغط خارجي.

نصائح تفادي الحوادث للسائقين

  1. القيادة الواعية: كن دائما على تفاعل إيجابي مع مستخدمي الطريق الآخرين، يمكنك ببساطة إتاحة المسار لشخص قد يبدو على عجلة من أمره، كما يمكنك ترك مسافات آمنة بين سيارتك والسيارات الأخرى أمامك، كما ينصح بأخذ قرارات واعية وغير مفاجئة. على سبيل المثال، إذا تأخرت في أخذ منعطف أو مخرج فكل ما عليك مواصلة السير إلى الطريق التالي بدلاً من الانعطاف بشكل مفاجئ قد ينتج عنه انقلاب أو خروج السيارة عن السيطرة. لا تجعل قيادتك ردة فعل ولا تأخذ تصرفات الآخرين على الطريق على محمل شخصي.
  2. تجنب القيادة العدوانية: الطرق للجميع، ولا يوجد أي امتيازات تسمح لشخص ما بإضرار الآخرين على الطرق أو بمضايقتهم، ومن أبرز التصرفات العدوانية التي يجب أن يتجنبها السائقون:
    • المناورة بين المسارات.
    • الالتصاق بالسيارات الأخرى لإجبارها على منح الأولوية.
    • حد السيارات الأخرى في محاولات تغيير المسار أو الانعطاف وتبديل المخارج.
    • تجاوز طوابير الانتظار.
  3. الراحة واليقظة: تأكد من اعتناءك بصحتك العامة واخذ قسط كافي من النوم كنمط حياة مستمر. الصحة الجيدة والمزاج المنضبط قبل القيادة يساعدانك على التركيز وعلى اتخاذ قرارات سليمة، وتزاد أهمية الراحة قبل القيادة عن وجود سفر أو رحلات طويلة. وبشكل عام يعد الشعور بالأرق والشعور بضغط الوقت من أسباب القيادة المتهورة، ويمكن تجنب ذلك بالمشاعر الواعية والاهتمام بالصحة والرياضة كنمط حياة.
  4. تجنب المشتتات بأنواعها: لا يزال استخدام الهاتف اثناء القيادة من الظواهر السلبية، ولنكون صريحين مع أنفسنا فإن الحل ببساطة هو ترك الهاتف جانباً أو وصله بأنظمة السيارة إذا كان ذلك متاحاً، وتأجيل التواصل إلى حين التوقف التام في مكان آمن. ومع بساطة الحل، يظل استعمال الهواتف من أكثر أسباب الحوادث المميتة شيوعاً.
  5. استعمال حزام الأمان: هذه نصيحة يشترك بها السائقون والركاب، ينبغي للسائق تنبيه الركاب على ربط الحزام فكم من حادث راح ضحيته إنسان لم يضع حزام الأمان.

نصائح تجنب الحوادث لراكبي الدراجات

  1. اختر طرق آمنة: يمكن لسائقي الدراجات الهوائية والدراجات النارية اختيار طرق أقل ازدحاماً بالسيارات وأكثر ملائمة لاستعمال الدراجات.
  2. وسائل السلامة: يمكن أن يكون تركيب الإضاءة التحذيرية والعاكسات على دراجتك سبباً لسلامتك حيث تساعد سائقي السيارات على الانتباه لك.
  3. ملابس السلامة: كما أن ارتداء الواقيات والخوذة تساعد على حماية راكبي الدارجات من معظم الإصابات المرتبطة بالمفاصل، ومن تفاقم الإصابات لحالات أشد خطراً، وكذلك فإن لبس السترة الواقية يساهم في تحسين راحة راكب الدراجة النارية وسلامته، وعلى حفظ حرارة الجسم، ما يساعد على اتخاذ قرارات قيادة أفضل.

نصائح تجنب الحوادث للمشاة

  1. استعمل الأرصفة والمسارات: التزم باستخدام الرصيف للمشي ولا تغامر بالسير على الإسفلت بين السيارات، وعند عبور الطريق استعمل المسارات المخصصة للمشاة، والتزم بتوقيت إشارات المرور المخصصة.
  2. لا تستعمل الهاتف أو السماعات العازلة: ربما لا ينتبه كثيرون لهذا، ولكن تجنب استخدام الهواتف أو الأجهزة الأخرى التي تصرف الانتباه عن المحيط يساعد على السلامة، خاصة أثناء قطع الطريق او حتى عند الاقتراب من تقاطع السيارات، وإذا أمكن، يفضل عدم استخدام الهاتف والسماعات العازلة في الطريق نهائياً حتى لا تكون عرضة للاعتداء والسرقة.
  3. سلامة الأطفال والمسنين: يجب إيلاء اهتمام خاص للأطفال وكبار السن عند السير، حيث يكونون أكثر عرضة لمخاطر الطريق.

3) نصائح لما بعد الحادث

بعيداً عن الإجراءات المرتبطة باستدعاء الجهات المختصة إلى موقع الحادث، فإن الأمور المرتبطة بتعافي المصابين وإعادة تأهيلهم يجب أن لا تغيب عن وعينا، حيث تضلع المجتمع والمختصون بدور مهم في نشر ثقافة السلامة على الطرق وفي دعم المصابين.

إعادة تأهيل المصابين في الحوادث المرورية

تختلف متطلبات إعادة التأهيل من حالة لحالة بحسب شدة الإصابات، قد يحتاج الضحايا إلى إعادة تأهيل طويلة لاستعادة حياتهم السابقة. يمكن أن تشمل إعادة التأهيل العلاج الطبيعي والدعم النفسي، وفي بعض حالات الصدمة النفسية قد يفقد المصابون قدرتهم على النطق ما يتطلب معاملة وعلاج متخصص يمكن أن يستمر أسابيع أو أشهر، ومع ذلك، فلا يجب إغفال إعادة تأهيل المصابين ولا التقليل من أهميتها في حياتهم.

الإجراءات القانونية والقضائية

إذا كان الحادث ناتجا عن إهمال أو تهور شخص آخر، فقد يكون لدى المصابين وذويهم وذوي الضحايا خيارات قانونية وقضائية متاحة، ورغم أن لا شيء مادي سيعوض الأضرار الإنسانية أو الوفيات، إلا أن مثل هذه الإجراءات القانونية تضمن سيادة الاحترام والعدالة بين الجميع، ويمكن أن تغطي التعويضات تكاليف العلاج والأجور المفقودة من وظائف المصابين، وهي أمور تختلف من حالة لحالة ومن بلد لآخر، لذلك فإن استشارة محامي مختص يساعد على أخذ قرار مناسب. وفي كثير من الأحيان قد يختار ذوو المصابين والضحايا في الحادثة العفو عن الطرف الآخر، وهو ما يعتبر أمراً إيجابياً في المجتمع العربي عموماً والسعودي خصوصاً، ولكن بشروط منها ألا يكون العفو سبباً لتمادي المتهورين في تهورهم.

الإرشاد النفسي بعد الحوادث المرورية

في الحوادث الصعبة، يمكن أن تشكل الصدمة العاطفية آلاماً لا تقل عن الإصابات الجسدية، ويجب أن نفهم أن مشاكل القلق والاكتئاب ومشاكل الصحة العقلية الأخرى هي آثار محتملة، وبدلاً من تجاهلها، يمكن اللجوء إلى مختصين لمساعدة المصابين على التعامل مع مشاعرهم. ويجب أن يتعامل المجتمع مع هذا النوع من العلاج بشكل إيجابي وأن يقدم الدعم الممكن للمصابين وذويهم.

المشاركة في جهود التوعية بالسلامة

تقود الجهات الحكومية جهود التوعية بالسلامة، ويأتي دور أفراد المجتمع في المساعدة من خلال نشر التوعية أولاً ومن ثم اتباع الإرشادات والنصائح التي تقدمها الجهات الحكومية المختصة كنتيجة لخبرات متراكمة من التعامل مع الحوادث وتبعاتها على كافة المستويات.

يجب علينا مشاركة ثقافة السلامة بشكل عام، وتوعية المراهقين والسائقين الجدد على الطريق بشكل خاص حتى تتحول لثقافة طبيعية لديهم قبل توليهم القيادة. إذ تشير الإحصاءات إلى نسبة مؤلمة من الحوادث والوفيات بين السائقين الأصغر سناً والأقل خبرة.

مشاركتك لهذا المقال ستساعد آلاف الناس

لا يمكن حصر أخطار الحوادث المرورية وعواقبها في سطور، كما لا يمكن حصر فوائد ثقافة السلامة المرورية والقيادة الواعية وآثارها. الأمر يتعلق بالمسؤولية الجماعية التي نضلع بها جميعاً كأفراد من المجتمع. لذا فإن التوعية في ثقافة السلامة، ونشر مفهوم تجنب الحوادث والسلوك الوقائي على الطريق، يساعدان على خفض نسب الحوادث ومنع آلاف الإصابات وعلى حفظ آلاف الأرواح.

لذا ندعو قراءنا وكافة مستخدمي الطرق لتطبيق ممارسات السلامة المرورية والتوعية بها. تتذكر أن كل قرار تتخذه على الطريق يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى، لذا دعونا نختار الوقاية والسلامة دائماً.