كانت جودة المواد الصناعية في تحسن مستمر حتى نهاية القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة حيث حدثت طفرة صناعية مفاجئة أدت ارتفاع كبير في معدلات الإنتاج الصناعي، والتزم المصنعون بذات الجودة والتكلفة ولكن مع زيادة كبيرة جداً في الإنتاج في مواجهة ارتفاع الطلب وتوسع السوق.
في تلك الفترة بدأت الكثير من الشركات في استحداث فئات جديدة بين الفئات تلبية لرغبات المشترين، وزيادة حصة السوق وأدى ذلك إلى استنزاف كبير للموارد الأساسية للخامات، إذ لم تتأقلم المعامل والمصانع الثانوية للخامات على هذا الطلب، فحدثت نكسة كبيرة في صناعة السيارات بحلول عام ٢٠٠٧ تبعها أزمة اقتصادية عالمية زادت من فاتورة الأعباء التي تكبدها المصنعون نتيجة ارتفاع أسعار المواد وانخفاض هامش الربح برغم ارتفاع سعر البيع.
وفجأة دخلت الشركات في نفق مظلم بعض فضائح الجودة التي طالت أغلب المصنعين إن لم يكونو كلهم، وسمحت هذه الظروف لشركات أخرى بالدخول للمنافسة بقوة، مقدمة بدائل أفضل بالرغم من سوءها عموماً، كالعملاق الكوري هيونداي)الذي انفجر بنهاية العقد الأول من الألفية الثانية مناطحاً تويوتا وجنرال موتورز وفورد.
وكانت تويوتا قد تخلت عن الكثير من جودتها لتحافظ على الأسعار في المعدل الطبيعي، ولكن سرعان ما أثبتت هذه النظرية فشلها بعد عزوف المستهلكين عنها خصوصاً مع مجموعة موديلات ٢٠٠٧-٢٠٠٨ والتي كانت نقلة نوعية لمعظم الشركات عالمياً، واستغلتها تويوتا أسوأ استغلال، خصوصاً بمنتجاتها التي خلت من وسائل الترفيه بأنواعها على عكس كل المنافسين، وافتقرت لروح تويوتا ١٩٩٧-٢٠٠٦ وهي تمثل الجيل الذهبي للعلامة.
وبصعود هيونداي وبداية استفاقة البقية، كانت فورد هي أول عائد من الكبار، وبأقل الخسائر قدمت عدة طرازات كانت أفضل طريقة لوقف استنزاف الزبائن ناحية هيونداي، بالرغم من عدم التكافؤ!. ولم تستيقظ تويوتا مبكراً، بل استمرت في سلسلة ارتكاب الحماقات وإنتاج طرازات معدلة شكلياً وبنفس الأخطاء الميكانيكية التي بدأت بأزمة دواسة الوقود الشهيرة والتي كانت فاتورة إضافية لبقية الخسائر
فورد دخلت السوق بفكر أوروبي بحت، وتوقفت عن السياسة الإنتاجية الأمريكية في إنتاج مركبات ذات محركات كبيرة، ومواصفات فارغة، فأنتجت نظام MyFord touch والذي كان يمثل نقلة عبقرية في الترفيه داخل السيارة بعدما كانت فورد تعتمد على الأوامر الصوتية فقط والواجهة البسيطة، أصبحت سيارة اقتصادية ومزودة باتصال كامل لشبكة الانترنت. وتغيرت محركاتها بالكامل بعد ادخالها نظام EcoBoost والذي أثارت به ضجة لا بأس بها، حتى لم يعد الأمر متداولاً لتقرر مؤخراً التضحية بتاريخ موستنج بمحرك قد يفقدها الكثير من عملائها.
نيسان اليابانية قبل استراتيجيتها الجديدة في تطوير المنتجات وتوحيد تجربة صالات البيع كانت تعاني مما تعاني منه تويوتا منذ الأزمة وحتى الآن، ولكنها قررت اتخاذ طريق جديد لعلامتها التجارية أكثر فخامة، وكذلك بارتفاع في السعر قد يجعل الأمر ليس في صالحها خصوصاً وأن المنافسين يقدمون أفضل مما تقدمه نيسان باثفايندر أمام جيب جراند شيروكي مثلاً، خصوصاً في اعتماديتها على الطرق غير المعبدة.
ولا يكفي الحصول على محرك عملي وتصميم جيد ومواد فاخرة لتكون السيارة تستحق الإقتناء، فالمواصفات التقنية والترفيهية تشكل ٤٠٪ من دوافع الشراء حسب هيونداي.
الآن وبعد تعافي جميع المصنعين تقريباً، ودخول عناصر جديدة تماماً إلى الساحة بجودة أفضل كثيراً على الورق، وبلا سمعة إطلاقاً!. هل بإمكان هؤلاء الجدد تحفيز الكبار لإنتاج أعلى جودة ممكنة مع الحفاظ على السعر؟!
نظرياً، قد يكون هذا الأمر معقداً بسبب غطرسة بعض مسؤولي الشركات واعتمادهم على سمعتهم السابقة، وبالتالي سنضطر لرؤية الكثير من الهراء في الشوارع حتى إشعار آخر.
ولكن ماذا لو قرر الكبار فجأة مزاحمة المستجدين في سوق الجودة ؟
عملياً، تقدم شركات السيارات أفضل ما لديها في الربع الآخير من كل عقد، وحصل ذلك كثيراً في السابق بعد الكثير من الموديلات الفاشلة، وكثيرة المشاكل. لذلك أعتقد أننا سنرى أفضل ما لدى تويوتا في تاريخها خلال ٥ أعوام على الأكثر، فهي تخطط لمنافسة GT-R نيسان في النسخة الجديدة لعام ٢٠١٦ وبالتالي سنرى سوبرا تخرج إلى النور قبل إطلاق نيسان.
ولا شك أن مجموعة فولكس واجن لن تقف عاجزة أمام سطوة كوينيجسيج على لقب أسرع سيارة في العالم، وبالتالي سنرى بوجاتي جديدة قبل اكسبو دبي القادم، وكذلك سنرى قريباً جداً مجموعة 4X4 من بنتلي ولامبروغيني ومازيراتي ، وبالطبع ستعيد GM إحياء هامر !
إذاً سنرى تطوراً كبيراً في سوق الكبار، وسنرى مفاجآت غير متوقعة من شركات ناشئة، وهي من سيتحكم بمستقبل صناعة المركبات.
لننتظر ونرى تحولات السوق وتداول الأيام …