الموضة والأزياء ترتبط باللون قبل ارتباطها بالشكل والخامات، وذلك بسبب أن العين هي أكثر أجهزة الإحساس تأثيراً على القرارات، وطالما يتعلق الأمر بقرار الاقتناء فلا بد أن يبدو اللون مميزاً كفاية لكي تظهر قيمة المنتج، وتميز اللون قد يكون أحياناً في توزيعه ولمعانه وليس في درجته غالباً.
لطالما ارتبطت فيراري باللون الأحمر الخاص بها والذي لا يمكن أن تتطابق درجته مع أي منتج آخر من الشركات المنافسة، فالأحمر الناري الذي تتبناه فيراري كجزء من هويتها لم يأت بين ليلة وضحاها، بل هو نتيجة فكرة أساسية لتصميم الشعار والذي يعبر عن القوة والسرعة والإثارة، ويجسده حصان ولون أحمر يستفز الحواس!
تسوق BMW علامتها الرياضية في القسم M دائماً باللون الأزرق الداكن، عدا استثناءات لا تكاد تذكر لعرض ألوان أخرى في الإعلانات، ولكن السائد لديها أن هذا اللون هو لون العلامة، والذي يرمز إلى “المكر” حسب تعبير BMW! وكذلك تسوق مجموعة BMW لشركتها الفرعية رولز رويس بسيارات ذات لونين، يختلف لون السقف وغطاء المحرك والغطاء الخلفي عن بقية لون جسم السيارة بحيث يكون التباين كبيراً.
حرب الألوان بين المنتجات هو أكثر ما يجذب الزبائن حسب بعض الاستطلاعات، وربما يلفت انتباهك لون السيارة أو المنتج قبل معرفة العلامة التجارية، في رنج روفر وشركات أخرى، يوظفون أخصائيين نفسيين لتقييم جودة الألوان على نفوس الزبائن وبالتالي يقرروا مدى جودة اللون ولمعانه ودرجته! ولذلك لا تكاد تجد تطابقاً بين نفس المسمى اللوني لعلامتين مختلفتين! فأحمر فيراري ليس كأحمر لامبورغيني، ربما بسبب الغيرة من التقليد!
ولكن في الحقيقة تتجنب الكثير من الشركات أن تشعر المستهلك بمنتج آخر أقل جودة بسبب اقتباس درجة لون مقاربة لها، فصغيرة هيونداي “فيلوستر” تحصل على مجموعة ألوان ثورية وغريبة، ولكن بعضها مقتبس من علامات أخرى أفضل؛ ولكن ماذا لو كانت هيونداي هي أول من يقدم هذه الألوان؟
موستانج كانت ثورة تصميم وأداء، وصيحة موضة للشباب المتمردين شأنها شأن “بل آير” و”إمبالا” اللاتي مثلن ثقافة الهيبيين “Hippies” وأطفال الشوارع والمهاجرين الأفارقة، وسوقت في العالم تجسيداً لهذه الثقافة، والتي اقتضت بأن تكون ألوانها متناسقة مع صيحات الملابس ذات الألوان الصارخة حتى أواخر الثمانينات!
طوال تلك الفترة كان حضور السيارات الألمانية في أمريكا يرتفع بارتفاع معدل الدخل الأمريكي، وزيادة أعداد رؤوس الأموال، فكانت السيارات الألمانية هي أفضل ناقل لرجال الأعمال بسبب رفاهيتها وشخصيتها الجادة وربما غلاءها.
ولكن في الواقع، الألوان في المنتجات الأوروبية لطالما كانت محافظة وهادئة كثيراً وهذا يجذب الشخصيات الارستقراطية أكثر!
اليوم، تخلت المنتجات الأوروبية عن كثير من قيمها المتعلقة بالألوان! وأصبحنا نرى “فواقع” الألوان في شتى العلامات التي ترمز للرفاهية المطلقة، وأصبحت تلك الألوان تعبر عن الرفاهية عكس الماضي حينما كانت جزء من مداراة الحالة الاقتصادية، وأصبحت المنتجات الأمريكية أجمل للغاية بألوانها المحافظة الرئيسية.
بالطبع لن تجد هذه الألوان صدى جيد لدى مستهلكي علامات النخبة إذا استمرت لدى علامات أخرى أقل جودة، وبالتالي ستستمر دائرة الألوان بالدوارن على نفس النمط الكلاسيكي (أسود، فضي، بترولي، أبيض، أحمر، ذهبي، أصفر) وهي أكثر الألوان انتشاراً.
وفي الحقيقة، تطلق الشركات مع كل تحديث لسياراتها حزم ألوان مخصصة، كاللون “الأخضر التفاحي الفاتح” لـ BMW الفئة السابعة مع تحديث 2013، ولكن لا تزال أودي تتفوق بشكل مذهل في اختيار الألوان لسياراتها، فهي تجعل اللون فاقعاً كثيراً لدرجة تجعلك تميز منتجاتها أكثر من معظم العلامات المنتشرة حالياً، ويعود الفضل إلى فولكس واجن والتي تقريباً لم تدع لوناً لم تجربه على أسطورتها Bettle منذ إطلاقها الأول وحتى الآن.
وفي الحقيقة هذا غريب على المنتجات الأوروبية التي تتميز بحضورها المهيب، بعكس الأمريكية التي تكون صاخبة ومبهرجة أغلب الأحيان سواءًا في الألوان أو في الأداء، أو حتى في السعر المنخفض نسبة إلى شقيقاتها.
ما أجده مثيراً للاهتمام هو أن لكزس حتى الآن لا تملك لونها الخاص بالرغم من أنها محسوبة على قطاع السيارات الفارهة, وكذلك بنتلي! ولو أن الأخيرتين يعتمدان على اللون الأبيض ولكنه لا يمثل علامة تجارية!
بورش تعتمد اللون الأصفر لأسطورتها 911 منذ إطلاقها، ومرسيدس دائماً ما يكون ظهورها الأول باللون الفضي بدرجاته، باجاني تعتمد على لون الكروم ولون آخر مقارب خاص بها بخلاف اللون الطبيعي للكاربون فايبر الذي تستخدمه في سياراتها.
من الجيد أن تتخلى العلامات التجارية عن الألوان الأساسية ولو لجيل واحد من منتجاتها وتبتكر سلسلة ألوان مميزة لها, أعتقد أن هذا من شأنه أن يسهل حياة الناس كونهم سيستطيعون التفريق بين المنتجات الفارهة والاقتصادية، والرديئة كذلك من مسافة كافية!