لعلها واحدة من أشهر مقولات عالم المرور التي يؤمن بها الناس حول العالم، ولكنها كانت في كثير من الأحيان محل جدل حيث لا يمكن أن تطبق قاعدة واحدة فقط للحكم على الطرف المخطئ في الحادث. فهل صحيح أن مسؤولية الحادث تقع دائماً على السائق الذي في الخلف أم أنه يمكن أن يكون بريئاً عند تطبيق قواعد أخرى؟
يمكن أن نقول ببساطة أن لوائح المرور حول العالم تنظر للحوادث وتقيمها من منطلقين: من الذي خرق قواعد المرور وكيف؟ وهل كان يمكن لأحد الطرفين أن يتفادى الحادث؟ وفي حالة الحوادث التي يصدم فيها أحد الطرفين سيارة الطرف الآخر من الخلف وهي الحالة الأكثر شيوعاً في جميع أنواع الحوادث تقع المسؤولية على الطرف الذي كان يقود في الخلف من المنطلق الأول “كان بمقدوره تفادي الحادث من خلال ترك مسافة آمنة واستعمال المكابح”، وهنا يذهب المنطلق الأول أدراج الرياح ويتكلف السائق الذي حمل المسؤولية بإصلاح سيارة الطرف الآخر إضافة إلى الأضرار الباهظة التي قد تكون وقعت لمقدمة سيارته, حيث توجد العديد من الأنظمة الهامة وصعبة الإصلاح مثل أنظمة الزيوت والسوائل والتبريد والحساسات والرادارات الأمامية وربما يصل الضرر إلى المحرك، وحتى إذا وجد المحرك في وسط أو خلفية السيارة مثل السيارات الخارقة فإن تحمل إصلاح واجهة تلك السيارات قد يكلف ثمن سيارة عادية.
يبدو أن لوائح المرور قد اختارت الأسلوب السهل عليها للحكم على الحوادث لأن محاولة طرح سؤال “لماذا كنت تحاول التوقف بينما اصطدم بك الطرف الآخر من الخلف؟” تبدو غير ضرورية في ظل وجود شخص ما يبدو أنه كان قادراً على تفادي الحادث لكنه لم يفعل ذلك، وهكذا يقع اللوم على ذلك المسكين في الخلف بكل بساطة.
لا ننكر أن الأغلبية الساحقة من الحوادث المشابهة يتحمل مسؤوليتها وبشكل عادل الطرف الذي في الخلف خصوصاً عند السرعة الزائدة، الاقتراب الغير مبرر من السيارة التي أمامه بل وربما استعمال المنبه الصوتي والضوئي كطلب لإفراغ المسار له، أو حتى عند الازدحام الشديد وتكرر حركة السيارات وتوقفها بشكل متوقع وبديهي.
ولكن ماذا عن عشرات الحوادث التي تحدث عندما يحاول أحدهم فجأة تغيير المسار لأخذ موقف على جانب الطريق؟ أو عندما تحاول سيارات الأجرة التوقف لتحميل الركاب بينما يتوقف بعد عشرات الأمتار عند رغبتهم في النزول بحثاً عن موقف مناسب؟ أو تلك الحوادث التي تقع عندما يتذكر أحدهم أن المنعطف على بعد أمتار قليلة أو أن المخرج التالي يوشك أن يفوته؟ أو حتى عندما يتعمد أحدهم إلحاق أذى بالآخرين من خلال الفرملة أمام سياراتهم بشدة؟ وفي معظم تلك الحالات قد تقع المسؤولية أيضاَ على الطرف الذي في الخلف مع أن التدقيق وطرح أسئلة إضافية قد تظهر براءته، وكهذا يخرج لنا سؤال هل الطرف الذي في الخلف هو حقاً مخطئ دائماً وأبداً ودون وجود أي فرصة لإثبات غير ذلك؟
شاركونا تجاربكم ومعلوماتكم في التعليقات لأجل حوار ثري وهادف.