تتنافس كبرى شركات السيارات حول العالم بتقديم كل ماهو جديد ومحاولة إدراج أفضل التصاميم لسياراتها عبر التعاقد مع مهندسين عالميين للعمل على مشاريعهم وهي أمور قد لا تظهر للعيان ولكنها تكلف الشركات أموال طائلة، وكل هذا الجهد هو لكسب ثقة الجمهور والوصول إلى قلوبهم عبر ما يقدمونه من تقنيات أو تصاميم جاذبة للأعين أو مستويات محركات قوية، وهذه العناصر الثلاث هي الغالبة لدى العديد من الجمهور عند رحلة البحث عن سيارة جديدة.
ولكن في المقابل فالكثير من هذه الشركات تعاني من تقليد الشركات الصينية لسياراتهم، بالطبع هذا الأمر لشكل تأثير في مبيعات السيارات العالمية كون المقلد الصيني يعلم أنه المكان الوحيد الذي يستطيع بيع سياراته المقلدة فيه هي بلاده، فالصين معروفة بوجود مصانع مقلدة للسيارات العالمية، إسمحوا لي أن أعدل هذه الجملة، الصين معروفة بتقليدها لكل المنتجات وليس فقط السيارات، ويعود السبب إلى قوانين حكومة الصين الشعبية التي لا تفرض قوانين ضد حقوق الملكية التي تحفظ للشركات الكبيرة حقها، فإكمالا لما ذكرت مسبقا فالشركات العالمية تعلم أن تقليد سياراتها في الصين لن يؤثر على المبيعات، ولكن هذا الأمر يضر بشكل كبير سمعة السيارة كون المستهلك يعلم أنه هناك نسخة مقلدة من نفس السيارة ولكن بإستخدام أدوات ردئية ومنخفضة التكلفة!
السوق الصيني يعتبر من أكبر أسواق السيارات في العالم، ففي العام 2013 أنتجت الصين ما يقارب 18.7 مليون سيارة!، وهذا الرقم يشكل 22.7% من مجموع السيارات المنتجة في العالم بأكمله!، وهذه السيارات التي أنتجت تنقسم إلى ثلاثة فئات، الفئة الأولى هي لمعظم السيارات الغربية المعروفة والتي إختارت الصين لصنع سياراتها فيها كونها بلد رخيصة التكلفة وتكلفة العامل الواحد الذي يعمل لمنتصف اليوم هي بضعة دولارات فقط، أما الفئة الثانية هي لشركات صينية لم نسمع عنها من قبل ولكن في نهاية الأمر فهي لم تعتدي أو تسلب حق أي من الشركات كون العمل في سوق إنتاج السيارات يعتبر حق مشروع لأي شركة. أما الفئة الثالثة وهي المستهدفة في هذه المقالة هي الشركات الصينية التي هي الأخرى لم نسمع عنها من قبل وإن كانت ستستمر في مجالها هذا فبالتأكيد لم تكسب شهرة أبدا وهي الشركات الصينية المقلدة للمنتجات الغربية، وخلال هذه المقالة سأستعرض نبذة عن هذه الشركات والسبب وراء أنها لا تعاقب من قبل الحكومة الشعبية الصينية.
الشركات الصينية المحلية لصناعة السيارات لديها تاريخ غير مشرف مع مجالها، فهي إما تكون منتجاتها مشابهة للسيارات الغربية بشكل بسيط عبر سلبهم لهوية السيارة المعروفة لدى بعض الشركات، أو أن بعضهم الذي يصل إلى مرحلة متقدمة من الوقاحة والبذاءة بسلب تصميم السيارة بالكامل حتى إلى أدق التفاصيل، وعادة ما تجد الإسم أيضا مقارب لإسم السيارة الأصلي، فالحس الغير بناء وغير إبداعي لدى الصينيين وصل إلى تقليد السيارات العالمية حتى بإسمها!
ولكن يبقى السؤال الأهم، هل ما تقوم به الشركات الصينية أمر قانوني؟ وإن كان الجواب لا، فلماذا لا تعاقبها الحكومية المحلية؟، الإجابة تكمن في أنه لا يوجد في العالم كله أي قوانين دولية لحماية حقوق المؤلف، ولكنه يوجد إتفاقيات دولية مثل معاهدة بيرني لحفظ حقوق الأدب والفن التي وقعت في مدينة بيرني السويسرية في العام 1887 ويتشارك فيها هذا اليوم أكثر من 168 دولة ولا تعترف بها دول مثل إيران و كوريا الشمالية والصومال وأنجولا وأخيرا تايلند، وهذه الإتفاقية من موجبها أن جميع الدول المشاركة فيها تحترم حقوق المؤلفين في الأدب والفنون في الدول الأخرى ولا يحق لها أبدا الإعتداء عليها، وهذا الأمر ينطبق على حقوق الملكية في كثير من الأمور من بينها حقوق ملكية شركات السيارات التي لم توقع عليها الصين ولم تعترف بها من قبل ما يجعل ما تقوم به الشركات الصينية المقلدة أمر قانوني داخل الصين، ولا يسمح لأي من الشركات الغربية أو العالمية بتقديم قضية إعتداء على حقوق فكرية ضد هذه الشركات الصينية مالم تكن جهة التصنيع والبيع داخل الصين، ولكن إن أصرت الشركات الغربية على تقديم مثل هذه القضايا فحتما ستخسر القضية، ببساطة أنت لا تملك قوة في الصين!
بدأت ثورة صناعة السيارات المقلدة في الصين في العام 2006 ميلادية، ففي ذلك الحين كنا نسمع أخبار بشكل أسبوعي سواء كانت من بي إم دبليو أو فيات أو فورد أو غيرها من شركات السيارات العالمية وهي تقدم إعتراضات وشكاوي وحتى إيصال قضيتها للمحاكم ضد الشركات الصينية المقلدة، ولكن هذا الأمر لا يحدث كثيرا الآن إلا إستثناء قضية لاند روفر مع أحد الشركات الصينية المقلدة لسيارتها رنج روفر ايفوك قبل عام من الآن، ففي السابق كان الأمر جديدا على الشركات العالمية التي بدأت شيئا فشيئا الآن تتقبل مسألة تصنيع السيارات المقلدة في الصين، فهذا التقبل مجبرة عليها الشركات كونها لا تملك أي حيلة حيال هذا الموضوع.