تعتبر حياة الرجل وسلامته هي أغلى ما يملك، لذلك يعتبر عنصر السلامة لدى الكثيرين هو أهم عناصر السيارة، فالسيارات تحتاج إلى معايير معينة للوصول إلى أعلى درجات السلامة وهي الحصول على خمسة نجوم في إختبار السلامة الذي تجريه العديد من معاهد إختبارات السلامة وأهمها معهد NCAP الأوروبي بالإضافة إلى معهد IIHS الأمريكي.
خلال هذه المقالة سأستعرض المعايير والأدوات المهمة التي تلزم توفرها في السيارات للوصول إلى مستوى خمسة نجوم في السلامة، كما سأستعرض نبذة بسيطة عن ضوابط المعهد الأمريكي للسلامة IIHS والمعهد الاوروبي NCAP للتفريق بين الإثنين، وأخيرا سأسرد قائمة لمجموعة من السيارات الحديثة التي تشاهد في شوارع بشكل يومي وهي من ضمن السيارات الحاصلات على أعلى درجات السلامة.
حوادث السيارة وسلامة السيارة قضية تلقت إهتمام كبير منذ زمن طويل، فبالرغم من مستويات السيارات الإبتدائية قبل مطلع القرن العشرين بأعوام قليلة، وأيضا بالرغم من قلة أعداد السيارات في ذلك الحين، إلا أن عدد الحوادث كان شائع في ذلك الوقت وكان تصل عدد الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية بين 10 إلى حالة في السنة!، وهو الرقم الذي وصل إلى 50 ألف حالة وفاة سنويا في أمريكا خلال حقبة السبعينات الماضية قبل أن تشهد إنخفاض كبير في أعداد الوفيات.
فالكثير من الأدوات التي ساهم ظهورها في السيارات قلل من أعداد الحوادث، فإشارة الدوران عند الإنعطاف إلى اليمين أو اليسار لم تقدم للعالم إلا في 1937 عن طريق شركة بيوك العريقة، أما بالنسبة إلى حزام الأمان فكان ظهوره الأول في العام 1948 عن طريق شركة Tucker في أحد سياراتها الإختبارية، وطور الحزام لعدة أشكال حتى وصل إلى تصميمه الحالي الذي صممته شركة فولفو في العام 1959 ولم تطلب أموالا منه، كل ما كانت تريده هو أن يكون تطبيقه إلزامي في دول العالم وكانت هديتها للبشرية للتقليل من وفيات حوادث السير، وهو ما حدث بالفعل فخلال إحتفالية المملكة المتحدة بريطانيا في يناير من هذا العام بمناسبة مرور 32 عاما على إجبار السائقين إرتداء الحزام، أعلنت الحكومة البريطانية أن إرتداء حزام الأمان ساهم في تقليل وفيات الحوادث إلى نسبة 25% وتقليل نسبة الإصابات القوية بنسبة 29%.
أبرز الإكتشافات التي قللت من وفيات حوادث السير هو إكتشاف وسائد الهوhء التي تضاربت الأنباء حول موعد إكتشافها ولكن يغلب الظن أنها كانت في العام 1967، وخلال أربعين سنة، ساهمت وسائد الهواء في السيارات بالحفاظ على حياة 300،000 شخص ممن عانوا من حوادث سير قوية في الولايات المتحدة الأمريكية، فالوسائد الهوائية الأمامية أصبحت إلزامية في السيارات في 1983، بينما طبقت نفس الأمر على الوسائد الهوائية في الجانبين الأيمن والأيسر في 1994 قبل إعلان إلزام شركات السيارات بإضافة وسائد الركبة الهوائية في العام 1996.
عند الحديث عن معايير السلامة المتوفرة في السيارات حاليا، يجب أن نذكر متطلبات السلامة بشتى أنواعها، مثل نظام مكابح الطوارئ الأوتوماتيكية، إلى مقاعد الأطفال الخلفية، وأيضا حدة المصابيح، والكثير غيرها، وهناك بعض الدول في العالم مثل أستراليا لا تسمح لأي سيارة تحصل على تقييم أقل من 4 نجوم من خمسة بالسير في شوارعها، وإهتمام الحكومة الأسترالية بهذا الشأن زاد من وعي الناس ففي العام 2004 كانت معظم السيارات التي إقتناها الناس هي تقييمها 4 نجوم من 5، بينما في 2009 أصبحت السيارات ذات 4.5 نجوم من 5 هي أكثر السيارات مبيعا في البلاد.
تنقسم أساسيات السلامة في السيارة إلى ثلاثة أقسام، أولهما مزايا السلامة التي تمنع حدوث حوادث السير، مثل مكابح الطوارئ الأوتوماتيكية (AEB)، أو التحكم الإلكنروني للثبات (ESC) وأخيرا التحكم في الجر (TC)، بينما القسم الثاني من أساسيات السلامة هي سلامة السيارة نفسها عند وقوع الحوادث، مثل أحزمة الأمان والوسائد الهواية وأيضا المناطق المجهدة في هيكل السيارة الخارجي والتي تقلل من حدة الحوادث، وآخر هذه الفئات هي المزايا التي تقدم للسائق نفسه، فشركات السيارات تعمل لجعل قيادة سياراتها أسهل وأكثر راحة، مثل توفير عدة إتجاهات لتحرك الكرسي وما شابه، وهذه الأمور الثلاثة سنستعرضها بشكل مفصل.
بداية مع مكابح الطوارئ الأوتوماتيكية (AEB)، فهذه التقنية تساعد السيارة في تقليل حدة حوادث السير وفي بعض المرات تمنعها بشكل كامل، فهذه التقنية تشعر بقرب حدوث حادث، فعند محاولة سائق السيارة الضغط على المكابح بشكل قوي، تقوم هذه التقنية بدورها وهو الوصول إلى أعلى مرحلة من الضغط على المكابح حتى عند رفع السائق رجله من دعسة المكابح!، أما تقنية التحكم الإلتكروني للثبات (ESC) فهذه التقنية تساعد على تقليل الإنزلاق أو فقدان السيطرة على السيارة، فهي تعمل عند فقدان قائد السيارة السيطرة على سيارته وتقوم بالضغط على المكابح بشكل تلقائي لإيقافها تماما، أما بالنسبة للتحكم في الجر (TC)، فهذه التقنية تعمل عند التسارع عن طريق حساب معدل دوران الإطارات الأمامية والخلفية، وهي التي تمنع قبل حصول الحوادث من دوران الإطارات وأيضا تقوم بتخفيف قوة أداء المحرك للتخفيف من ضرر الحوادث، وإضافة إلى ما سبق فيلزم في السيارة توفر خصائص أخرى مثل (ISA) المختصة بتنبيه السائقين عند إجتياز السرعة القصوى للطريق.
أما بالنسبة لخصائص السيارة الأمانية عند وقوع الحوادث، فهذه معروفة مثل حزام الأمان والوسائد الهواية إضافة إلى سنادات الرأس التي تحمي الرأس والرقبة وهي أماكن حساسة عند كثير من حوادث السير، إضافة إلى وجود المناطق القابلة للتهمش في السيارة، وهذه المناطق المتوزعة في الجهة الامامية والخلفية من السيارة تقوم بإمتصاص الطاقة القوية التي تصدرها الحوادث، وهي ما تحمي السائق والركاب الأخرين من عواقب وخيمة، كما يجب توفر مقصورة ركاب قوية, و تقوية الأبواب الجانبية للحماية من جوانب السيارة.
أما الفئة الأخيرة من السلامة هي ما توفره شركات السيارات من انظمة للسائق، مثل الكاميرات الخلفية والحساسات الأمامية والخلفية، إضافة إلى القدرة على تغيير مقعد السائق لضمان القيادة بكل أريحية وسهولة. كما أن توفير العدادات التي تشير إلى إرتفاع درجة حرارة السيارات أو تجاوز الحد الأقصى للسرعة أو أيضا مثل إشارة تغيير زيت السيارة كل هذه الأمور تساعد في ضمان سلامة أكثر لقائد السيارة.
عندي الحديث عن معاهد السلامة للسيارات يجب علينا ذكر المعهد الأوروبي NCAP الذي تأسس في العام 1996، وكانت أول سيارة تختبر هي فولفو S40 التي تحصلت على أربعة نجوم من خمسة، بينما كانت العلامة الكاملة للمرة الأولى في تاريخ المعهد في العام 2001 لـ رينو Laguna بسبب إضافتها لتقنية جديدة تذكر السائق عند نسيانه لربط حزام الأمان، وطبق معهد السلامة العديد من الأمور على شركات السيارات مثلا في العام 2003 بإلزامهم بتوفير أماكن مخصصة لكراسي الأطفال.
أما بالنسبة لمعهد تأمين السلامة على الطرقات السريعة IIHS الأمريكي فقد بدأ في العام 1959، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تقليل حوادث السير وأيضا بتقليل معدل الوفيات والإصابات عند حدوث الحوادث، وتعتبر هذه المنظمة من أكثر المنظمات صرامة في دول العالم، حيث أن جميع التفاصيل الدقيقة في السيارة تختبر، بالرغم من القساوة التي تصدر من المعهد إلا أنه هو الأمر اللازم، فشركات السيارات يجب أن تعرف أهمية حياة الفرد من خلال العمل على تحسين جودة سلامة سياراتها، فطبقا لإحصائيات المعهد فعدد الوفيات في العام 1975 كانت 44,525 حالة وفاة في 39,161 حادث. بينما في العام 2013 أصبحت 32,719 حالة وفاة في 30,057 حادث مختلف.
وفيما يلي مجموعة من موديلات 2015 التي نراها بشكل شبه يومي في طرقنا، والتي تعتبر حسب نتائج معهد السلامة الأمريكي IIHS و معهد السلامة الأوروبي NCAP الأفضل في السلامة، حيث إن جميعها حصلت على تقييم 5 نجوم من 5 في إختبارات الحوادث.